الوطنية

رقان…ضحية طموح فرنسا النووي في الجزائر


أكد مختصون في عدة مجالات على أن ما ارتكب باسم “اليربوع الأزرق” GERBOISE BLEUE جرم مشهود بأثر رجعي قابل للتمديد في وقت يسعى رجال القانون في الجزائر الى بناء استراتيجية شاملة لتجريم فرنسا وطنيا ودوليا بعد 6 عقود من المحرقة النووية بالصحراء الجزائرية.. وخصوصا في رقان.

في هذا الخصوص صرح أستاذ القانون الدكتور ميزاولي محمد لملتيميديا الإذاعة الجزائرية أن قسم القانون بجامعة أدرار يحضر برنامج تشريع قانون متكامل يأخذ بعين الاعتبار كافة المسائل التي من شأنها أن تجرم فرنسا انطلاقا من المعطيات التاريخية والدراسات البيئية للمنطقة و سيعرض هذا الأخير على الجهات الوصية بهدف تفعيله وطنيا على أمل أن يجد إسقاطاته على المستوى الدولي.

التأثيرات الإشعاعية ستستمر لأكثر من 24 ألف سنة قادمة …

من جهته كشف المختص في الفيزياء النووية البروفيسور عبد الكاظم العبودي صاحب كتاب “يرابيع رقان” أن المواد التفجيرية التي استخدمتها فرنسا في تجاربها النووية بالجنوب الجزائري اغلبها من البلوتنيوم الذي يحدد عمره الزمني بـ 4,2 مليار سنة بالإضافة إلى مادة اليورانيوم الذي يستمر إشعاعه إلى أزيد من 24 ألف سنة.

وقال العبودي إن المناطق التي تعرضت للتفجيرات النووية التي امتدت إلى 58 تفجيرا انطلاقا من رقان و وصولا إلى تمنراست هي من اكبر المناطق المنكوبة إشعاعيا في الكرة الأرضية .
وأشار المتحدث إلى التغير الجذري على مستوى التنوع الحيوي في جميع الحيوانات و النباتات التي عاشت في المنطقة جراء المحرقة النووية كما نوه إلى الجهد العلمي الكبير والميزانيات الواسعة التي يتطلبها تحديد المناطق الملوثة بالإشعاعات خصوصا مع انعدام المراجع التي تصر فرنسا على إخفائها تسترا على جرمها النووي .

جريمة عابرة للأجيال بأثر بعدي…

وذهب أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة تيبازة الدكتور دحمان تواتي في دراسته المعنونة بـ” غياب الضحية في التفجيرات النووية في رقان” إلى القول بأن المصاب بأثر تفجيرات سلاح الدمار الشامل برقان يمكن أن يكون في أي مكان وزمان، معللا قوله بأن انتقال الرمال الملوثة كفيل بنقل الإشعاع إلى شمال البلاد وعليه فإن هذه الإشعاعات النووية لها اثر بعدي لا يقتصر على جيل التفجيرات، وهي بذلك جريمة كاملة الأركان، غير أن الضحايا لا يمكن تحديدهم إلا بعد ظهور أعراض الأمراض الناجمة عن التعرض لها .

كرموزومات مشوهة وأمراض وراثية دليل ملموس على الجرم الذي تحاول فرنسا طمسه…

وشدد الأستاذ المحاضر بكلية الطب بالجزائر العاصمة البروفسور بن عامر مصطفى على التعقيدات الصحية التي تتسبب بها اليوم تلك التفجيرات النووية الواقعة منذ 60 سنة برقان والتي يبدو أثرها جليا على ساكنة الجنوب.

وقال البروفيسور بن عامر إن نسوة رقان خصوبتهن اقل بكثير من المعدل الطبيعي في الجزائر، بالإضافة إلى تفشي التشوهات الخلقية لدى المواليد الجدد، ناهيك عن الأعداد المهولة للمصابين بالأورام الخبيثة، وتفشي مشكلات صحية معقدة وكرموز ومات مشوهة جينيا، وكلها دليل قاطع وبرهان ساطع على فداحة ما اقترفه المستعمر عبر يربوعها الأزرق.
التاريخ لن يرحم فرنسا التي جعلت من الجنوب الجزائري حقلا لتجاربها النووية …
وبالعودة إلى السياق التاريخي لهذه الجرائم النكراء أرجع أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة ادرار الدكتور محمد حوتية تكالب فرنسا النووي إلى سعيها لتحصيل مكانة دولية بين القوى الكبرى التي سبقتها في المضمار النووي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي أرادت فرنسا أن تستقل عن دعمها العسكري وكذا رغبة المستعمر في فصل الجنوب عن شمال البلاد بعد تأكده من أن استقلال الجزائر يلوح في الأفق، وأنه آت لا محال.

وقال محمد حوتية إن فرنسا ربطت رقان مباشرة بباريس وعكفت على مدار 3 سنوات على تحويل المنطقة الى مختبر في الهواء الطلق بكامل التجهيزات لتباشر جرمها النووي ذات 13 من فيفري من سنة 1960.

وشدد المتحدث على قوة التفجيرات النووية التي بلغت شدتها 5 أضعاف تفجيرات هيروشيما ونكازاكي اليابنيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية، وقال إن المستدمر الفرنسي استحضر كافة مظاهر الحياة في حقله النووي بغية رصد أثر التفجيرات على كل ما يدب على أرض رقان فلم يسلم بشر ولا شجر من جريمة نووية مع سبق الإصرار والتمديد..وأنها لم ولن تغتفر.

زر الذهاب إلى الأعلى